Thursday, November 26, 2015

سنن يوم الجمعة صلاة الجمعة


سنن الجمعة


صلاة الجمعة:

صلاة الجمعة هي أهم ما يُميز يوم الجمعة عن دونه من الأيام وهي فرض على كل مسلم (ذكر) بالغ عاقل، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } الجمعة9. ولا يجوز لمسلم تركها إلا بعذر شرعي وقد حذر رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم من التهاون بها فقال صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم في الحديث الذي رواه عنه أبو الجعد الضمري رضي الله عنه: " من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه " أخرجه ابو داود وغيره وقال الالباني حسن صحيح.


الإغتسال ومس الطيب:

وغسل يوم الجمعة من الأعمال المُستحبة، وعند جمهور الفقهاء هو من السنن المؤكدة، وعند بعضهم هو واجب إستناداً لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: "غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم - ويمس من الطيب ما قدر عليه - " 
اخرجه البخاري، وزيادة الطيب في رواية مسلم، صححه الألباني، والمقصود ب "مُحتلم" أي بالغ.
وكذلك ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله   صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" متفق عليه.
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم  : " من اغتسل يوم الجمعة ، وتطهر بما استطاع من طهر ، ثم ادهن أو مس من طيب ، ...... 
الحديث " اخرجه البخاري وصححه الألباني.


إتخاذ الزينة ولبس افضل الثياب:

وإتخاذ الزينة من السنن الواجبة عند الذهاب الى المسجد في كل وقت، قال الله تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ...} الأعراف31 ، ويتأكد استحباب ذلك لصلاة الجمعة لقوله صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم في الحديث الذي رواه ابو سعيد الخدري رضي الله عنه: " من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها قال ويقول أبو هريرة وزيادة ثلاثة أيام ويقول إن الحسنة بعشر أمثالها " 
اخرجه ابو داود وصححه الألباني.
ويستحب لبس الأبيض من الثياب فقد اوصى به رسول الله صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم فقال في الحديث الذي رواه عنه  عبد الله بن عباس : " البسوا من ثيابكم البياض ، فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم"
اخرجه الترمذي وغيره وصححه الألباني.


التبكير الى المسجد:

 إن في الذهاب الى المسجد مبكراً يوم الجمعة لأجراً عظيماً ينبغي أن يحرص عليه المسلم ولايضيعه تهاوناً أو كسلاً أو انشغالاً بأمور الدنيا الزائلة، فقد قال رسول الله صّلَ الله عَلَيْه وسلَّم : " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح في الساعة الأولى ، فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية ، فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة ، فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة ، فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة ، فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " متفق عليه من رواية ابي هريرة.
وقال  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم : " إذا كان يوم الجمعة ، كان على كل باب من أبواب المسجد الملائكة ، يكتبون الأول فالأول ، فإذا جلس الإمام طووا الصحف ، وجاؤوا يستمعون الذكر " 
رواه أبوهريرة وصححه الألباني. 

والتبكير يعني أن تذهب الى المسجد قبل الظهر بساعة او ساعتين او اربع وكان من السلف الصالح من يجلس في المسجد من صلاة صبح يوم الجمعة الى صلاة الجمعة، وكي نقرب معنى الحديث الأول للأذهان: قسم الوقت من شروق الشمس (بداية النهار) الى وقت صعود الإمام المنبر لخطبة الجمعة قسم هذا الوقت الى خمسة اجزاء، فمن حضر الى المسجد في الجزء الأول فكأنما اشترى من ماله ناقة كوماء وذبحها ووزع لحمها كله قربة الى الله تعالى، وهكذا من جاء في الجزء الثاني فكأنما قدم لله بقرة، وهكذا...... الى آخر الحديث.


الذهاب الى المسجد سيراً على قدميك:

فمن كان المسجد على مقربة منه ولم يكن هناك مشقة في السير اليه فعلى الإنسان أن يكون فطناً فيمشي ولا يركب لأن ذلك أحد الأسباب التي تمكنه من الحصول كل جمعة على مثل أجر من صام وقام السنة كلها، وذلك لما جاء في حديث أوس بن أبي أوس رضي الله عنه وصححه الألباني، أن رسول الله  
 صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: " من غسل يوم الجمعة و اغتسل ، و بكر و ابتكر ، و مشى و لم يركب ، و دنا من الإمام فاستمع ، و لم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة ، أجر صيامها و قيامها ". 

قراءة سورة الكهف:

كذلك من الأعمال ذات الفضل يوم الجمعة قراءة سورة الكهف، واليوم في التاريخ الهجري يسبق ليله نهاره، فيوم الجمعة يبدأ بعد غروب الشمس من يوم الخميس وتسمى بليلة الجمعة وينتهي نهار الجمعة بغروب الشمس من يوم الجمعة، فعلى المسلم أن يحرص على قراءة  سورة الكهف كل اسبوع في أي وقت تيسر له من يوم الجمعة، وفي فضل ذلك حديث صحيح رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: " من قرأ سورة { الكهف } في يوم الجمعة ، أضاء له النور ما بين الجمعتين - وفي رواية: أضاء له النور ما بينه و بين البيت العتيق - " 
صححه الألباني.


التنفُل في المسجد قبل الجمعة:

يغفل الكثير  من المسلمين عن هذه السنة فتجد الرجل ما إن يدخل المسجد فيصلى ركعتين ثم يجلس يقرأ القرآن، والأفضل في هذا الوقت هو التنفل كما التزم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك حين سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عنه سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال: رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ، ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام ، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى"، اخرجه البخاري وصححه الألباني . 
وقد كان الصحابة والسلف رضوان الله عليهم يذهب بعضهم الى المسجد مع شروق شمس يوم الجمعة، ويصلي ما شآء الله له أن يصلى، ويقرأ من القرآن ما تيسر له، فإحرص على التنفل قبل صعود الإمام المنبر ما استطعت اربع ركعات... ستة ... ثمانية... اثنى عشر.


الإنصات للإمام و الدنو منه:

ويستحب للمسلم اذا ذهب مبكراً أن يجلس في مقدمة المسجد كأقرب ما يكون الى الإمام، ويُكره أن يجلس في آخر المسجد كما يفعل البعض كي يستند الى عمود أو حائط مفوتاً على نفسه الأجر ومتجاوزاً عن سنة الحبيب صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم فقد ورد عن  سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: "احضروا الذكر وادنوا من الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها" 
أخرجه ابو داود وصححه الألباني.
 ولا ننسى أن الجلوس في مُقدمة المسجد قريباً من الإمام هو أحد الأسباب الموصلة الى الحصول على اجر من صام وقام العام كما جاء في حديث أوس بن أبي أوس رضي الله عنه في الحديث الذي صححه الألباني، أن رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم قال: "من غسل يوم الجمعة و اغتسل ، و بكر و ابتكر ، و مشى و لم يركب ، و دنا من الإمام فاستمع ، و لم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة ، أجر صيامها و قيامها ".


قراءة السجدة والإنسان في الصبح:

يستحب للإمام وكذا المنفرد أن يقرأ في ركعتي الصبح بالسجدة والإنسان كاملتين، فقد ورد في الحديث الصحيح الذيى رواه ابو هريرة رضي الله عنه أنه قال:  ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة ، في صلاة الفجر : { آلم تنزيل }  السجدة ، و : { هل أتى على الإنسان }) 
متفق عليه، وقد جاء في صحيح مسلم مثل ذلك مروياً عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وإن كانت الصلاة تصح بأي سور غيرها ولكن علينا الا نرغب عن سنة نبيناً صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم ونتحرى فعل ذلك ولو كل حين.


قراءة الجمعة والمنافقون في ركعتي الجمعة:

من السنة أن يقرأ الإمام احياناً بـ "الجمعة" و" المنافقون" في ركعتي الجمعة، وق جاء عن عبيدالله بن أبي رافع ما يدل أن رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم كان يفعل ذلك احياناً فقال: ( استخلف مروان أبا هريرة ، على المدينة ، وخرج إلى مكة ، فصلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة ، فقرأ سورة {الجمعة }، وفي السجدة الثانية { إذا جاءك المنافقون} قال عبيد الله : فأدركت أبا هريرة ، فقلت : تقرأ بسورتين كان علي يقرؤهما بالكوفة ؟ فقال أبو هريرة : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما ) 
مسلم وابو داود وصححه الألباني.


قراءة الأعلى والغاشية في ركعتي الجمعة:

وكان ذلك ايضاً من سُنته  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم، فقد جاء عن النعمان بن بشير: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين والجمعة بـ { سبح اسم ربك الأعلى } و { هل أتاك حديث الغاشية } وربما اجتمعا في يوم فيقرأ بهما) 
أخرجه البخاري وابو داود وصححه الألباني، وقد ورد مثله عن سمرة بن جندب في صحيح سنن ابو داود.


النافلة بعد الجمعة:

أختلف العلماء في النافلة بعد الجمعة، والقول الراجح أن أقلها ركعتان وأكثرها أربع ركعات، والأفضل اربع ركعات،  والسنة في آداء النافلة بشكل عام والأفضل أن تكون في البيت، ولكن يجوز آدائها في المسجد وخاصة إن كان الانسان يعلم أنه لن يعود الى منزله بعد الصلاة وربما لا يعود إلا بعد الصلاة التالية. ومصدر الخلاف وجود حديث صحيح لابن عمر رضي الله عنهما قال : ( صليت مع رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعد الظهر ، وركعتين بعد الجمعة ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ) اخرجه البخاري ، وعن ابو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم : " إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا فإن عجل بك شيء فصل ركعتين في المسجد ، وركعتين إذا رجعت " 
أخرجه مسلم.
ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية الى أن من صلى في المسجد فليصلى اربعاً، ومن صلى في البيت فليصلي ركعتين، مستدلاً على ذلك بحديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي اخرجه ابو داود : (  عن ابن عمر قال : كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعا وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين ولم يصل في المسجد.


الإكثار من الصلاة والسلام على النبي صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم : فقد اوصانا النبي صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم
 بكثرة الصلاة والسلام عليه في يوم الجمعة، ففي الحديث الذي رواه أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم : " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قال قالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يقولون بليت فقال إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء" اخرجه ابو داود وغيره وصححه الألباني. لذا علينا من الإكثار من الصلاة والسلام على النبي في كل وقت ويتأكد ذلك في ليلة ونهار الجمعة، وهناك عدة صيغ صحيحة للصلاة والسلام على رسولنا الحبيب منها:
" اللهم صلي على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد "، من حديث أبو حميد الساعدي الذي اخرجه البخاري وغيره وصححه الألباني.
" اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد"، من حديث كعب بن عجرة الذي اخرجه البخاري ومسلم.
" اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد . كما صليت على آل إبراهيم . وبارك على محمد وعلى آل محمد . كما باركت على آل إبراهيم . في العالمين إنك حميد مجيد "، من حديث أبو مسعود عقبة بن عمرو، اخرجه مسلم وغيره. 

" اللهم صلي وسلم وبارك على محمد وآلهِ اجمعين".

" اللهم صلي على محمد".


الدعاء:

قال رسول الله  صّلَ الله عَلَيْه وَسَلَّم في الحديث الذي روه ابو هريرة رضي الله عنه: " في يوم الجمعة ساعة ، لا يوافقها مسلم ، وهو قائم يصلي يسأل الله خيرا إلا أعطاه . وقال بيده ، قلنا : يقللها ، يزهدها " 
صحيح البخاري.
فمن فضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن أعطانا تلك الساعة من يوم الجمعة التي لا يسأل عبد فيها الله حاجة له إلا أعطاه ما سأل، وهذا فضل كبير ومنه من الله عز وجل ومع ذلك تجد الكثير من المسلمين يفرط في هذه العطية، فيا أخي المسلم من منا ليست له حاجة بل حاجات فإحرص من الآن على تحري هذه الساعة ولا تجعلها تفوتك وأسأل مالك الملك ماشئت وانت متيقن بالإجابة.
والراجح من اقوال اهل العلم أنها الساعة الأخيرة من نهار الجمعة أي الساعة التي تسبق المغرب كما جاء في حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: ( قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إنا لنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا قضى له حاجته قال عبدالله فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعض ساعة فقلت صدقت أو بعض ساعة قلت أي ساعة هي قال: " هي آخر ساعات النهار" قلت إنها ليست ساعة صلاة قال: " بلى إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة فهو في الصلاة" ) صحيح ابن ماجة، قال الألباني حسن صحيح. 


الصدقة:

يستحب الإكثار من الصدقة في يوم الجمعة فهي خير من الصدقة في غيره من الأيام. قال ابن القيم: ( والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور ) وفي حديث كعب: "... والصدقة فيه أعظم من الصدقة في سائر الأيام " 
موقوف صحيح وله حكم الرفع .

Tuesday, November 17, 2015

سنن الصلاة




الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله


أولا : روى أبو داود (864) ، والترمذي (413) ، والنسائي (465)

عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " . 

ولفظ أبي داود : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ ) ، قَالَ : ( يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ : انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا ؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً ، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا ،

قال: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ ، قَالَ : أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوع.



ثانيا: السنن الرواتب


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد : 
فهذه فائدة مهمة حول رواتب الصلاة وبقية النوافل ، ونصيحتي لإخواني المسلمين المحافظة عليها وعلى كل ما شرع الله مع أداء الفرائض وترك المحارم . 
قد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرعية الرواتب بعد الصلوات ، وفيها فوائد كثيرة ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من حافظ على ثنتي عشرة ركعة تطوعا في يومه وليلته بني له بهن بيت في الجنة ، والرواتب اثنتا عشرة ركعة ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها عشر ، ولكن ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنها اثنتا عشرة ركعة ، وعلى أن الراتبة قبل الظهر أربع ، قالت عائشة رضي الله عنها : (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر) [1] أما ابن عمر رضي الله عنهما فثبت عنه أنها عشر وأن الراتبة قبل الظهر ركعتان ، ولكن عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما حفظتا أربعا ، والقاعدة أن من حفظ حجة على من لم يحفظ . وبذلك استقرت الرواتب اثنتي عشرة ركعة : أربعا قبل الظهر ، وثنتين بعدها ، وثنتين بعد المغرب ، وثنتين بعد العشاء ، وثنتين قبل صلاة الصبح . ففي هذه الرواتب فوائد عظيمة والمحافظة عليها من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار مع أداء الفرائض وترك المحارم ، فهي تطوع وليست فريضة لكنها مثل ما جاء في الحديث تكمل بها الفرائض ، وهي من أسباب محبة الله للعبد ، وفيها التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام ، فينبغي للمؤمن المحافظة عليها والعناية بها كما اعتنى بها النبي عليه الصلاة والسلام مع سنة الضحى ، ومع التهجد بالليل والوتر فالمؤمن يعتني بهذا كله ، لكن لو فاتت سنة الظهر فالصواب أنها لا تقضى بعد خروج وقتها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قضى سنة الظهر البعدية بعد العصر سألته أم سلمة عن ذلك قالت أنقضيهما إذا فاتتا؟ قال ((لا)) [2] فهي من خصائصه عليه الصلاة والسلام ، أعني قضاءها بعد العصر ، أما سنة الفجر فإنها تقضي بعد الفجر ، وتقضى بعد طلوع الشمس إذا فاتت قبل الصلاة ، لأنه قد جاء في الأحاديث ما يدل على قضائها بعد الصلاة ، وقضائها بعد طلوع الشمس وارتفاعها . 
وأما قول بعض أهل العلم : إن ترك الرواتب فسوق فهو قول ليس بجيد ، بل هو خطأ ؛ لأنها نافلة ، فمن حافظ على الصلوات الفريضة وترك المعاصي فليس بفاسق بل هو مؤمن سليم عدل . وهكذا قول بعض الفقهاء : إنها من شرط العدالة في الشهادة : قول مرجوح فكل من حافظ على الفرائض وترك المحارم فهو عدل ثقة . ولكن من صفة المؤمن الكامل المسارعة إلى الرواتب وإلى الخيرات الكثيرة والمسابقة إليها . وبذلك يكون من المقربين لأن المؤمنين في هذا الباب ثلاثة أقسام : ظالم لنفسه ، ومقتصد ، وسابق بالخيرات . كما قال جل وعلا في سورة فاطر : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ[3] وهو صاحب المعاصي وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ[4] وهو البر الذي حافظ على الفرائض وترك المحارم وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ[5] وهو الذي اجتهد في الطاعات النافلة مع الفرائض وهو الأعلى في المرتبة ، والمقتصد في الرتبة الوسطى ، وأما الظالم لنفسه فهو في الرتبة الدنيا ، فالعاصي تحت مشيئة الله ، إذا مات على ظلمه لنفسه بالمعاصي فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه ، ومتى دخل النار لم يخلد فيها بل يعذب على قدر معاصيه ثم يخرج منها ، ولا يخلد في النار إلا الكفرة نسأل الله العافية ، والمقصود أن هذه الرواتب وسائر التطوعات من كمال الإيمان ، ومن أعمال السابقين إلى الخيرات ، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فسره بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج فقال السائل هل علي غيرها؟ قال ((لا إلا أن تطوع)) [6] فدل ذلك على أن الرواتب وغيرها من النوافل كلها تطوع وليست واجبة . ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حق السائل لما أدبر قائلا لن أزيد على ذلك ولا أنقص ((أفلح إن صدق)) [7] فعلم بذلك أن التطوع ليس شرطا في العدالة وليس شرطا في الإيمان ولكنه من المكملات ومن أسباب الخير العظيم ، ومضاعفة الحسنات ، ومن أسباب دخول الجنة مع المقربين ، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وحسن الخاتمة . 


[1] رواه البخاري في ( الجمعة ) برقم ( 1110 ) ، والنسائي في ( قيام الليل وتطوع النهار ) برقم ( 1737 ) ، وأحمد في ( باقي مسند الأنصار ) برقم ( 23992 ) .